الرئيسية - الصحة والحياة - أنا و السمنة

أنا و السمنة

اليوم ومنذ زمن طويل استجمعت شجاعتي وجرأتي ووقفت أمام المرآة لأنظر لنفسي.. وأنظر لجسدي المترهل الضخم ,حتى تقاسيم وجهي الوسيم تكاد تختفي وراء كتل الشحم البارزة المتدلية أسفل وجهي المنتفخ .. أما رقبتي فإنها أصبحت أضخم وأقصر..إنها السمنة تلك الغمامة السوداء التي تجتاح جسدي والتي كلما نظرت للمرآة أرى آثارها على جسدي ..وما يزيد من معاناتي هو هذه المرآة القاسية التي تكشف الحقيقة المرة التي أعيشها وتجعلني أرى ما كنت أهرب من مواجهته , لم أكن أتحمل النظر إلى نفسي وتعذيبها برؤية هذا الجسم الضخم الذي تكسوه الدهون ويغطيه قميص واسع.

الطريق إلى السمنة

لازلت أتذكر أيام المراهقة والشباب حيث كان أصدقائي ينتظرون ظهوري للتعليق على مظهري وعلى آخر صيحات الموضة التي كنت أرتديها والتي تبرز شكل جسدي الرياضي المتناسق وعضلاتي المفتولة التي كنت أتفنن في إبرازها لألفت أنظار الفتيات وأسرق إعجابهن خصوصا وأني أتمتع بوسامة مميزة وكنت أسعد كثيرا بنظراتهم وتعليقاتهم التي تلاحقني .. حتى جاء ذلك اليوم الذي تخرجت فيه من الجامعة ووجدت نفسي أعمل في إحدى الشركات الخاصة حيث كان عملي الوحيد هو الجلوس أمام الحاسوب وتتبع الثغرات الأمنية للمواقع التي نديرها , فلم يكن علي سوى أن أغفل لحظة عن عملي الذي يستعدي الكثير من الإنتباه والتركيز وكذا الكثير من الوقت مما جعلني أغفل عن أشياء كثيرة في حياتي .. حتى الأكل لم يكن لدي الوقت لأتناوله ..فتجد مكتبي مليئا ببقايا السندويتشات وعلب العصير والمشروبات الغازية , فرغم أني لم أكن أجد الوقت الكافي لتناول وجباتي إلا أني كنت أنتقم من نفسي بإلتهام الطعام طوال اليوم دون الحاجة لأخذ فاصل للأكل .. فكانت كل أيامي متشابهة ..أقضيها جالسا وعيناي مركزان على الحاسوب ويدي تمتد لعلب البسكويت الموضوعة بجانبي.. هذا كل ما كنت أتقن فعله ..نسيت شيئا إسمه الرياضة والحركة.

معاناتي مع السمنة

نسيت نفسي تماما ..إلى أن جاء اليوم الذي وقفت فيه على الميزان لأول مرة .. فصعودي على الميزان سبب لي صدمة , لم أصدق الرقم الذي كان أمام عيناي ..85كيلوغرام ..استغربت كثيرا ..كيف زاد وزني عشر كيلوغرامات في فترة قصيرة ؟؟ ابتسمت وهونت الأمر على نفسي وقلت بثقة مبالغة بأن الأمر سهل ويمكن التخلص من هذا الوزن الزائد بسهولة وخلال فترة قصيرة , لكنني كنت واهما لأن العشرة كيلوغرامات أصبحت عشرين ثم ثلاثين ثم أربعين ثم 55 ومنذ ذلك الحين لم أقترب من الميزان .. ولا أعرف كم بلغ وزني اليوم لأني لا أجرؤ على ذلك .. ورغم سخرية البعض الشديدة ..حتى أصدقائي الذين كنت ألتقي بهم في الماضي توقفوا عن زيارتي أو الإتصال بي .[clear]

أشعر وكأني أحتضر ببطء شديد ..أحس بأني رجل غير نافع ..ثقيل..كل ما يفعله هو الجلوس والأكل .. حتى الناس لا يلاحظون سوى كتل الشحم التي تلف جسدي وبطني الكبير والتي تغطي على طيبة قلبي ورقة شخصيتي .. ورغم أني مازلت في الثلاثين من عمري إلا أني أشعر وكأني في الخمسين أو الستين ..حتى مظهري يدل على ذلك و ملابسي الواسعة .. حتى والدتي بدأت تفقد الأمل في وفي مستقبلي وفي لقائي بشريكة حياتي التي يجب أن تتقبلني كما أنا .. كرهت نظرات الشفقة التي لا أستحق وكذا السخرية اللاذعة التي أتعرض لها.

بداية التحدي

اليوم..ومنذ اليوم قررت أن أتحدى هذا السجن الذي وضعت نفسي فيه والذي يدمر حياتي ويقيد حركتي ويطرد الفرحة من عالمي .. قررت تحدي هذه الشحوم والسموم التي تراكمت على جسدي وحولتني إلى مجرد كتلة ثقيلة على الميزان تعاني من عنصرية المجتمع وحتى من أقرب المقربين .. قررت التوقف عن العمل وأقسمت ألا أدع يوما يمضي من حياتي بدون رياضة وألا أدع أطباق المأكولات أن تقلل من عزيمتي وإرادتي ..قررت استعادة حريتي التي فقدتها بسبب نهمي وشهيتي وقلة حركتي وإهمالي لنفسي وجسدي .. فأصبح اليوم هو أول أيام حياتي الجديدة.

 

عن خديجة ضمير

أحب الكتابة في كل المواضيع الإجتماعية التي تخص الرجل و المرأة و الأسرة و المجتمع و الموضةو الصحة هواياتي .. الأنترنيت .. تصميم الأزياء .. السفر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .

اثنان × أربعة =