الرئيسية - الترفيه - الفنّ : الصورة الحية عن حياة الشعوب
الفنّ : الصورة الحية عن حياة الشعوب
الفنّ : الصورة الحية عن حياة الشعوب

الفنّ : الصورة الحية عن حياة الشعوب

” الفنّ هو النافذة التي تطل على الجانب السامي من النفس البشرية…”
لم يكن الفنّ في يوم من الأيام مظهرا من مظاهر الحياة العقلية بل كان ولا يزال مظهرا من مظاهر الحياة الشعورية النفسية وخلقا ذاتيا ينبض بالحياة ويكشف عن إحساس الفرد ويجمع بين الدقة في التفكير والجمال في التعبير. ولعل ” فرويد ” كان اغرب الباحثين في هذا المجال إذ حدد الفنّ بمظهر من مظاهر إشباع الرغبات المكبوتة في الشعور.

ونهضة الفنّ في بلادنا على الرغم من حداثة عهدها ترعرعت ونمت بسرعة فائقة في نطاق واسع وقطعت شوطا بعيدا. وهي لا تزال كما بدأت تسير في طريقها نحو التقدم مؤدية ما نرجوه لها من قدم ثابتة وتطور شامل.
ولا يحتاج الفنّ إلى شرح أو تفسير فهو في مفهومة يعطي صورة حية عن حياة الشعوب ويعبر عن تقاليدها وعقائدها وعاداتها. وهو ألمرآه الصادقة التي تتجلى فيها نهضة الأمم وحضارتها وتقدمها.

ولكل إنسان في هذه الحياة استعداد طبيعي لممارسة الفنّ . فالطفل منذ حداثته يبدي ميلا ملموسا لالتقاط كل ما يشاهده أو يصادفه من مواد يحركه بأصابعه ويقلبها بين يديه ويتعرف إلى صفاتها. تارة يتأمل في أشكالها وطورا يشكل منها يتراءى له من تعبيرات فطريه بحته هي نتيجة لما يجول في نفسه من تصورات وخواطر قد نعجز نحن عن تفسيراها أو إدراك كنهها.

والمهارة الفنية عند الطفل هبة شخصية لها حريتها وأصالتها وليس بالإمكان أن نخلقها ونصوغها كما نريد. وهذه المهارة ترجع عادة إلى عوامل القدرات الوراثية والوعي الذاتي. فالطفل يولد وهو مزود دائما بمجموعة من الدوافع والرغبات والميول والعادات تتكون كلها من الوراثة أو التجربة أو البيئة. ولذا ينبغي علينا أن نشجع هذه ألنزعه الطبيعية التي تلازم الطفل وان نفسح أمامه المجال لإشباع رغبته وميوله ألغريزيه المتأصلة في نفسه حتى لا نعوق مظاهر نشاطه الفطري وانبعاثه التلقائي عن الانطلاق في التعبير عن كل ما يجول في خاطره.

وان من ابرز المظاهر التي تتميز بها ألتربيه ألحديثه مكانة الفنّ فيها. وقد خصاها رجال التربية بأكبر نصيب من عنايتهم لما كشفوه من المزايا الكبرى التي تعود على الطلاب من دراستهم لفن الرسم الذي يعتبر من أهم القوى ألفعاله والعوامل ذات الأثر المجدي في ميدان ألتربيه الصحيحة المتكاملة.

وقديما كان البعض ينظر إلى مادة الرسم على أنها ماده كماليه وإنها وسيله للترفيه عن الطلاب من عناء الدروس ظنا منهم أنها ليست من الأهمية بمكان وقد غاب عن أذهانهم مقدار ما يجده الطالب من لذة ونشاط من جراء دراستهم لهذه ألماده وما يكتسبه من قوة الملاحظة والقدرة على التخيل والإبداع وجود التنظيم والتنسيق.

ولما كان الهدف الذي نقصده من تدريس هذه المادة مسايرة روح الطالب مع ميوله الفطرية واستعداده الشخصي ونشاطه الفكري وتنمية مواهبه الفطرية التي تخلق فيه الذوق السليم. لذا كان جدير بنا أن نفتح أمام الطلاب آفاقا جديدة واسعة وان نغرس في نفوسهم بذور الفنّ وان نهيئ لهذه البذور الموضع الصالح والظروف الملائمة التي تنمو فيها حتى يستطيعوا بمواهبهم الذاتية أن ينجحوا في مضمار هذا الفنّ بما حباهم الله تعالى من شعور مرهف وإحساس قوي وعاطفة رقيقه وخيال خصب وأفكار ناضجة وان ينجحوا بين دقة التصوير وجمال التعبير وان يتعمقوا في معالم الكون ويخطوها بريشتهم ويضفوا عليها من شعورهم وإحساسهم ويبرزوها إلى العالم بصور شيقة ومنتزعه من أرواحهم مصطبغة بألوان حياته تهدف إلى خير هذا المجتمع وتعبر عن كل ما في الكون من جمال وما في الطبيعة من شؤون.

عن مخلص الحضري

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .

تسعة عشر − 12 =