الرئيسية - منوعات - أراء حرة - علاقة الدين بالمجتمع … التعايش السلمي بين الأديان في مجتمعاتنا العربية
علاقة الدين بالمجتمع ... التعايش السلمي بين الأديان في مجتمعاتنا العربية
علاقة الدين بالمجتمع ... التعايش السلمي بين الأديان في مجتمعاتنا العربية

علاقة الدين بالمجتمع … التعايش السلمي بين الأديان في مجتمعاتنا العربية

علاقة الدين بالمجتمع في بلداننا العربية …

حتى يكون لنا حق التوسع في فكرة أشكال وأنواع التسامح والتعايش بين أفراد الدين المختلف داخل المجتمع أو البلد الواحد, يتوجب علينا أولا أن نفهم مدى علاقة الدين في بلداننا العربية بالمجتمع. الدين يعد جزءا من مقومات الشخصية الوطنية لدى العديد من المجتمعات والبلدان العربية لا وبل يمثل الدين البعد الحضاري والثقافي الذي يعكس عادات وآثار المجتمع في حد ذاته على البشرية جمعاء. وبمنزلة لا تقل عن القداسة يكون الدين في بعض المجتمعات العربية اذ يعد أمرا غير قابل للنقد أو حتى الرفض. فالدين ومهما اختلف يبقى عنصرا متأصلا ومتجذرا داخل المجتمعات العربية أينما وجدت و على مر العصور و الأزمنة.

الأسرة و الدين

تعتبر الأسرة الخلية الأساسية المكونة لأي مجتمع وبالتالي فالمجتمع مجبر على التلون بثقافة مجموعة الأسر المكونة له. وفي عالمنا العربي يعد الدين من ثوابت الأسرة على اختلاف العقيدة والمذهب و لكنه يبقى دائما يلقي بظله على الأسرة العربية وبالتالي المجتمع.

تنوع الدين في عالمنا العربي

وبغض النظر عن ما يتعلمه الفرد حول الدين داخل الأسرة أو المجتمع لا بد من أن نكون على قناعة تامة بأن التعدد والاختلاف في الدين أمر وارد جدا لا بل مألوفا داخل مجتمعاتنا العربية. وكما جرت العادة بأن الدين الاكثر انتشارا في مجتمعاتنا العربية هو الدين الاسلامي بمختلف أطيافه ومذاهبه و يليه مباشرة الدين المسيحي مع بعض الأقليات اليهودية خاصة في مناطق من اليمن وشمال افريقيا اضافة الى أقليات دينية أخرى بشمال العراق, وبالتالي عالمنا العربي الواسع يشتمل على تنوع كبير وتعدد حينما يتعلق الأمر بالدين.

بروز الصراعات و علاقة التاريخ بالدين

مع توالي الفتوحات الاسلامية والانتشار الواسع للدين الاسلامي في العالم العربي كانت المجتمعات العربية تعرف نوعا من الاستقرار والسلام فيما يخص التعايش بين العرب من أبناء الديانات المختلفة لكن ومع بداية الحروب والصراعات في المنطقة لاسيما الحروب الصليبية بدأت تظهر بعض مشاعر الكره ورفض الأخر والتصنيف على أساس الانتماء للدين وقد تعدت حتى الى النزاعات المسلحة واستمرت الحالة في التناقص الى غاية مجريات الحرب العالمية الثانية حينما عايشت مجتمعاتنا العربية واحدة من أروع أشكال التسامح والتعايش الديني لكن ومرة أخرى عادت مجتمعاتنا العربية الى الدخول في دوامة صراع فكري وعنصري على أساس الدين. وتستمر الصراعات حول الدين مع كل حدث تاريخي أو حرب الى يومنا هذا على غرار بعض الأحداث في العراق و مصر و لبنان و غيرها.

مبادرات للتقريب بين من جمعتهم اللغة و فرقهم الدين

ان المجتمعات العربية في جوهرها تتمتع بدرجة أخلاقية عالية و خاصة و أن جل الأديان المعتنقة هي تدعو في فحواها الى تعزيز ثقافة الحوار والتسامح وتغليب لغة المنطق والعقل على الأهواء الشخصية والتهور. وبناءا على هذا تشهد مجتمعاتنا العربية من المحيط الى الخليج ويوما بعد يوم تكوين وتشييد مؤسسات خاصة بهذا الشأن من أجل التقريب بين من وحدتهم اللغة والثقافة وميزهم اختلاف الدين على غرار ”مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان” على سبيل المثال وهناك الآلاف من الامثلة التي نشهدها سنويا. كما عكفت بعض من الدول على تعديل قوانينها الداخلية مما يسمح بتقليص الهوة بين الدين الرسمي لها وباقي الأديان المنتشرة بها لضمان الحقوق المدنية لكل مواطنيها من جهة ومن أجل تدعيم ثقافة التحاور الحضاري والتآخي بين أبناء الأمة الواحدة. ولكن هذه المبادرات تلاقي بعض العقبات وتواجه عملية الحوار بين الأديان في مجتمعاتنا العربية شيئا من الصعوبة خاصة وأن مسألة الدين تعد من المسائل الحساسة والجدلية داخل مجتمعاتنا العربية كنتيجة حتمية لتراكم الكم الهائل من الافكار الخاطئة والمنقعة في مياه الحقد والكراهية لدى كل مجتمع حول دين الاخر. وقد تتداخل السياسة مع أمر الحوار بين الاديان اذ قد تلعب دورا ايجابيا كما قد تلعب دورا سلبيا.

مجتمع متوازن يتسع لكل طائفة وكل دين

لكن و بالرغم من كل الحوادث والصراعات الفكرية الجدلية التي شابت و لازالت تشوب ربوع الوطن العربي حول محل الدين الا أنه و في العديد من المناسبات منذ القدم أثبتت المجتمعات والشعوب العربية قدرتها على انتاج مجتمع موحد ومتسامح مع كل الأطياف والديانات وقد يكون الأمر حاليا مجرد نظرية بحكم الواقع المأساوي الذي نعايشه لكن هنالك أمل كبير في انتاج مجتمع مماثل خاصة مع اتاحة المساحة الواسعة للقيادات والأصوات المعتدلة والمتفتحة الداعية الى الحوار من كل دين وطائفة مع أن التاريخ يشهد لمجتمعاتنا سماحتها و تعايشها السلمي دون اللجوء الى تبني قواعد قاسية تصنف وتلغي الغير على أساس الدين القواعد التي هي في حقيقة الأمر تعد شيء دخيل على مجتمعاتنا العربية.

 

عن لخالدي عربي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .

ثمانية − ثلاثة =