الرئيسية - تكنولوجيا - انترنت و حاسوب - هل تفتت الانترنت الدولة الواقعية وتبني الامة الافتراضية ؟

هل تفتت الانترنت الدولة الواقعية وتبني الامة الافتراضية ؟

كشفت الويب في السنوات الاخيرة عن رغبة عارمة في التحزب والتحلق حول كيان معنوي واحد مهما كان حدوده, وهذا معناه أن الانترنت تجاوزت كونها قضية تكنولوجية وتتجه بسرعة لأن تصبح معضلة سياسية اجتماعية عويصة, فلم يعد مقصورا على امكانات توفرها الانترنت في تسهيل التواصل بين البشر بيعا وشراء تعليما وتسلية وترفيها ومشاركة, بل أصبح السؤال المستقبلي الكبير:هل تقودنا الانترنت بالفعل في طريق يقوض دعائم الدولة الواقعية ويفتت مافيها من مقومات وأسس متعارف عليها منذ قرون كالأرض والشعب والتاريخ والمصير المشترك, لينتهي بنا في عقود وربما سنوات الى مايمكن أن نطلق عليه الامة الافتراضية التي لارابط فيها الا أنها كيان معنوي يقوم على الافكار والميول المشتركة بين آعضائها الذين قد لايشتركون لا في أرض أو تاريخ أو مصير؟ انها قضية شائكة , وللنظر ماذا يفعله الانترنت بدعائم الدولة المعروفة وهي اللغة والدين والهوية والشعب.

كيف يلعب الانترنت على انقسام الدولة الواحدة؟

مفهوم الامة بالمعنى الواقعي هي بقعة من الارض يخضعوا لنظام سياسي تربط افرادها بروابط معينة مثل اللغة أو التاريخ أو الجنس والغيات والمصالح المشتركة, والانترنت يعمل على تعزيز الانقسام بين الاطراف وعلى علم تام به, ويعمل على فرص التعبير الضخمة المتاحة عبره, وفرص التخفي خلف اسماء مستعارة أتاحت لكل طرف الكشف عن مكنونات النفوس وأحيانا المبالغة في اظهار العداء والفرقة, وقد شهدت العشر السنوات الاخيرة انتشارا واسعا لوجهات النظر القائمة على التطرف الديني خاصة من خلال موقع الفيس بوك, ورغم أن الموقع قد تعهد بازالة المواقع التي تنتهك شروط استخدامه الا أنه مع عدد المستخدمين الضخم الذي يصل الى 200 مليون شخص تفشل المهمة في الغالب, واقرب صورة لذلك ابراز الانقسام بين الشيعة والسنة في العراق والخليج والذي تم تصديره مؤخرا الى دول لم تعرف هذا المستوى من الصراع كمصر حيث لاينتشر بها المذهب الشيعي, وصور للتبشير والدعوة اون لاين فقد انشأت مواقع للتواصل مع المؤسسات الدينية وظهر مسجد نت وكنيسة الويب وكنيس الكوم وغيرها ومليئة بالمواعظ والاذكار والرقية الشرعية , وحث بابا الفاتيكان الشباب الكاثوليكي في أحد خطبه الاخيرة على الاهتمام بأمر الانترنت واتخاذها مطية لنشر المذهب الكاثوليكي.

الانترنت يعمل على جمع فرقاء الوطن الواحد

يقول جين ماري جوستاف كليزو الفائز بجائزة نوبل للاداب, الذي أكد في محاضرة ألقاها أمام الاكاديمية السويدية أن الانترنت لو قدر له الانتشار أثناء الحرب العالمية الثانية لاستطاعت منع الحرب, وجزءا صغيرا من الاتصالات الحديثة كان بمقدوره تعويض هتلر عن حاجته للتوسع وبحثه عن القوة, وربما تمكنت من اعاقة خطة هتلر الاجرامية ضد العالم وأفشالتها ومنعت ظهورها من الاساس, وأن انتشار المعلومات عبر الانترنت منح العالم وسيلة جديدة للتخلص من الصراعات.[clear]

زاد تمسك الصينيين بالقومية بشكل خطير مع محاولات حكومتهم لتحسين العلاقات مع اليابان وفي ذروة التناحر حول المقعد الدائم في مجلس الأمن مما اشعل الغضب في الصينيون ووجدو غرف الدردشة بمقاطعة البضائع اليابانية وناشدوا حكومتهم تغيير سياستها ,مما ادت الصين بأغلاق مواقع تجوازت الحدود المسموح بها , وفي عام 2004 أدى الفوران الشعبي عبر الانترنت ضد اليابان الى ارغام الحكومة الصينية على اتخاذ موقف متشدد عندما قامت اليابان باعتقال سبعة صينيين نشطاء قاموا بالابحار غير المشروع نحو بعض الجزر المتنازع عليها بين الدولتين, واحتج موقع القوميين الصينيين على ذلك وطالب الحكومة بالتوقف عن شراء عدد من القطارات السريعة التي كان سيتم شرائها من اليابان.[clear]

وقد قامت الثورة في مصر بفضل تجمع الشباب الثوري عبر شبكة الفيس بوك وأسقطوا نظاما فاسدا في الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد ,مما جعل السياسيين يتعجبون من كمية الحشد التي نزلت الميادين المصرية بنفس التوقيت بدون قائد أو مروجين لها في الحياة الواقعية ,انما تم اسقاط النظام من خلال الحياة الافتراضية (الانترنت).

 

 

عن نجلاء أحمد

كاتب ثقافي منذ عام 2006 تهوى الكتابة في الموضوعات الاجتماعية وفي علم الانسان وايضا في مجال العلوم الطبيعية والتكونولوجيا. الهواية :الندوات الثقافية والسياسية والمناظرات وبالاخص الدينية والفنون الابداعية

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .

14 + 6 =